الخميس، يونيو 11، 2009

بك أستجير


قصيدة رائعة لفضيلة الشيخ إبراهيم على بديوي: عميد معهد الأسكندرية الدينى ورئيس جمعية الشبان المسلمين بدمنهور رحمة الله. أحببت أن أسردها لكم في مدونتي ها هنا، لتستمتعوا ببيان معانيها وسحر ألفاظها ورنين نظمها


بك أستجير ومن يجير سواكا * * * فأجر ضعيفاً يحتمي بحماكا
إنِّي ضعيف أستعين على قوى * * * ذنبي ومعصيتي ببعض قواكا
أذنبت يا ربي وآذتني ذنو * * * بٌ ما لها من غافر إلاكا
دنياي غرتني وعفوك غرني * * * ما حيلتي في هذه أو ذاكا
لو أن قلبي شك لم يك مؤمناً * * * بكريم عفوك ما غوى وعصاكا
يا مدرك الأبصار والأبصار لا * * * تدري له ولكنهه إدراكا
أتراك عين والعيون لها مدى * * * ما جاوزته ولا مدى لمداكا
إن لم تكن عيني تراك فإنني * * * في كل شيء أستبين عُلاكا
يا منبت الأزهار عاطرة الشذا * * * هذا الشذا الفواح نفح شذاكا
يا مرسل الأطيار تصدح في الرُبا * * * صدحاتها تسبيحةٌ لعلاكا
يا مجري الأنهار ما جريانها * * * إلا انفعالة قطرة لنداكا
رباه هاأنا خلصت من الهوى * * * واستقبل القلب الخلي هواكا
وتركت أُنسِي في الحياة ولهوها * * * ولقيت كل الأنس في نجواكا
ونسيت حبي واعتزلت أحبتي * * * ونسيت نفسي خوف أن أنساكا
ذقت الهوا مراً ولم أذق الهوى * * * يارب حلواً قبل أن أهواكا
أنا كنت يا ربي أسير غشاوة * * * رانت على قلبي فضل سناكا
واليوم يا ربي مسحت غشاوتي * * * وبدأت بالقلب البصير أراكا
يا غافر الذنب العظيم وقابلاً * * * للتوب قلب تائب ناجاكا
أترده وترد صادق توبتي * * * حاشاك ترفض تائباً حاشاكا
يا رب جئتك نادماً أبكي على * * * ما قدمته يداي لا أتباكى
أنا لست أخشى من لقاء جهنم * * * وعذابها لكنني أخشاكا
أخشى من العرض الرهيب عليك يا * * * ربي وأخشى منك ما ألقاكا
يا رب عدت إلى رحابك تائباً * * * مستسلماً متمسكاً بعراكا
ما لي وما للأغنياء وأنت يا * * * ربي الغني ولا يحيد غناكا
وما لي وما للأقوياء وأنت يا * * * ربي ورب الناس ما أقواكا
ما لي وأبواب الملوك وأنت من * * * خلق الملوك وقسم الأملاكا
إني أويت لكل مأوى في الحيا * * * ة فما رأيت أعز من مأواكا
وتلمست نفسي السبيل إلى النجا * * * ة فلم تجد منجى سوى منجاكا
وبحثت عن سر السعادة جاهداً * * * فوجدت هذا السر في تقواكا
فليرض عني الناس أو فليسخطوا * * * أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا
أدعوك يا ربي لتغفر حوبتي * * * وتعينني وتمدني بهداكا
فاقبل دعائي واستجب لرجاوتي * * * ما خاب يوما من دعا ورجاكا
يارب هذا العصر ألحد عندما * * * سخرت يا ربي له دنياكا
علمته من علمك النوويَّ ما * * * علمته فإذا به عاداكا
ما كاد يطلق للعلا صاروخه * * * حتى أشاح بوجهه وقلاكا
واغتر حتى ظن أن الكون في * * * يمنى بني الإنسان لا يمناكا
أو ما درى الإنسان أن جميع ما * * * وصلت إليه يداه من نعماكا؟
لو شئت يا ربي هوى صاروخه * * * أو لو أردت لما استطاع حراكا
يا أيها الإنسان مهلا واتئد * * * واشكر لربك فضل ما أولاكا
واسجد لمولاك القدير فإنما * * * مستحدثات العلم من مولاكا
الله مازك دون سائر خلقه * * * وبنعمة العقل البصير حباكا
أفإن هداك بعلمه لعجيبة * * * تزور عنه وينثني عطفاكا؟
إن النواة وَلِكْتِروناتِ التي * * * تجري يراها الله حين يراكا
ما كنت تقوى أن تفتت ذرة * * * منهن لولا الله الذي سواكا
كل العجائب صنعة العقل الذي * * * هو صنعة الله الذي سواكا
والعقل ليس بمدرك شيئا إذا * * * ما اللهُ لم يكتب له الإدراكا
لله في الآفاق آيات لعل * * * أقلها هو ما إليه هداكا
ولعل ما في النفس من آياته * * * عجب عجاب لو ترى عيناكا
والكون مشحون بأسرار إذا * * * حاولت تفسيراً لها أعياكا
قل للطبيب تخطفته يد الردى * * * ياشافي الأمراض: من أرداكا؟
قل للمريض نجا وعوفي بعد ما * * * عجزت فنون الطب: من عافاكا؟
قل للصحيح يموت لا من علة * * * من بالمنايا يا صحيح دهاكا؟
قل للبصير وكان يحذر حفرة * * * فهوى بها من ذا الذي أهواكا؟
بل سائل الأعمى خطا بين الزِّحا * * * م بلا اصطدام: من يقود خطاكا؟
قل للجنين يعيش معزولا بلا * * * راع ومرعى: ما الذي يرعاكا؟
قل للوليد بكى وأجهش بالبكا * * * ء لدى الولادة: ما الذي أبكاكا؟
وإذا ترى الثعبان ينفث سمه * * * فاسأله: من ذا بالسموم حشاكا؟
وأسأله كيف تعيش يا ثعبان أو * * * تحيا وهذا السم يملأ فاكا؟
وأسأل بطون النحل كيف تقاطرت * * * شهداً وقل للشهد من حلاَّكا؟
بل سائل اللبن المصفى كان بيْ * * * ن دم وفرث ما الذي صفاكا؟
وإذا رأيت الحي يخرج من حنا * * * يا ميت فاسأله: من أحياكا؟
وإذا ترى ابن السودِ أبيضَ ناصعاً * * * فاسأله : مِنْ أين البياضُ أتاكا؟
وإذا ترى ابن البيضِ أسودَ فاحما * * * فاسأله: منْ ذا بالسواد طلاكا؟
قل للهواء تحسه الأيدي ويخْ * * * فى عن عيون الناس من أخفاكا
قل للنبات يجف بعد تعهد * * * ورعاية: من بالجفاف رماكا؟
وإذا رأيت النبت في الصحراء ير * * * بو وحده فاسأله: من أرباكا؟
وإذا رأيت البدر يسري ناشرا * * * أنواره فاسأله: من أسراكا؟
وأسأل شعاع الشمس يدنو وهي أبْ * * * عد كلّ شيء ما الذي أدناكا؟
قل للمرير من الثمار من الذي * * * بالمر من دون الثمار غذاكا؟
وإذا رأيت النخل مشقوق النوى * * * فاسأله: من يا نخل شق نواكا؟
وإذا رأيت النار شب لهيبها * * * فاسأل لهيب النار: من أوراكا؟
وإذا ترى صخرا تفجر بالميا * * * ه فسله من بالماء شق صفاكا؟
وإذا ترى الجبل الأشم مناطحاً * * * قمم السحاب فسله من أرساكا؟
وإذا رأيت النهر بالعذب الزلا * * * ل جرى فسله؟ من الذي أجراكا؟
وإذا رأيت البحر بالملح الأجا * * * ج طغى فسله: من الذي أطغاكا؟
وإذا رأيت الليل يغشى داجيا * * * فاسأله: من يا ليل حاك دجاكا؟
وإذا رأيت الصبح يُسفر ضاحياً * * * فاسأله: من يا صبح صاغ ضحاكا؟
هذي عجائب طالما أخذت بها * * * عيناك وانفتحت بها أذناكا!
والله في كل العجائب ماثل * * * إن لم تكن لتراه فهو يراكا؟
يا أيها الإنسان مهلا ما الذي * * * بالله جل جلاله أغراكا؟
حاذر إذا تغزو الفضاء فربما * * * ثأر الفضاء لنفسه فغزاكا؟
اغز الفضاء ولا تكن مستعمراً * * * أو مستغلا باغيا سفاكا
إياك أن ترقى بالاستعمار في * * * حرم السموات العلا إياكا
إن السموات العلا حرم طهو * * * ر يحرق المستعمر الأفاكا
اغز الفضاء ودع كواكبه سوا * * * بح إن في تعوبقهن؟ هلاكا
إن الكواكب سوف يفسد أمرها * * * وتسيء عقباها إلى عقباكا
ولسوف تعلم أن في هذا قيا * * * م الساعة الكبرى هنا وهناكا
أنا لا أثبط من جهود العلم أو * * * أنا في طريقك أغرس الأشواكا
لكنني لك ناصح فالعلم إن * * * أخطأت في تسخيره أفناكا
سخر نشاط العلم في حقل الرخا * * * ء يصغ من الذهب النضار ثراكا
سخره يملأ بالسلام وبالتعا * * * ون عالماً متناحراً سفاكا
وادفع به شر الحياة وسوءها * * * وامسح بنعمى نوره بؤساكا
العلم إحياء وإنشاء وليْ * * * س العلم تدميراً ولا إهلاكا
فإذا أردت العلم منحرفاً فما * * * أشقى الحياة به وما أشقاكا
فاسجد لمولاك القدير فإنما * * * لابد يوماً تنتهي دنياكا
وتكون في يوم القيامة ماثلاً * * * تجزى بما قد قدمته يداكا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق